عدنان دلبرين صوت الينابيع والخلجان العفرينية

عدنان دلبرين صوت الينابيع والخلجان العفرينية

1:15:44 PM

RojavaNews: كتب الباحث والمؤرخ الكوردي زكريا حصري مقالاً قيماً عن حياة وتاريخ الفنان الكوردي الراحل عدنان دلبرين في ذكراه الـثامنة عشرة وتحدث فيه عن إنجازاته في الفن ونجاحه الباهر في إنشاء مدرسة خاصة به وكيف أن أغانيه التي تعبر عن الإحساس العالي والحب العذري وعن أفضل صور العذاب والفراق ولهفة العشاق الذي أخذ من التراث العفريني الشعبي، وأكثر ما يميز صوته وأغانيه النبرة الحزينة والشجية التي تعبر عن مكنوناته الصادقة وخوالجه وإحساسه الرقيق عن الحب والفراق، وبفراقه فقدت جماهير كورداغ مدرسة في الفن والتراث الفلكلوري الكوردي، وهذا نص المقال مايلي:

الذكرى(18) على رحيل الفنان عدنان دلبرين الصوت الذي رحل مبكرا

ولد الفنان عدنان موسى (دلبرين) في قرية ديرصوان بمنطقة جياي كورمينج "عفرين " عام 1956م من أبوين يعملان في الأرض والزراعة ، عانى حياة الفقر والحرمان كغيره وكان الغناء والطرب والموسيقا وحكايات القهر والحب الأسطوري والمعجزات التي طالما سمعها في ليالي الشتاء من الكبار هو عالمه ونافذته حيث كان يهرب من قسوة الحياة إلى عذوبة الطرب والموسيقا وملاحم الحب والتضحية ليصبح أحد أبطال تلك القصص هناك بين الطبيعة البكرة ورقرقة مياه نبع بتمان وجريان مياه نهر الأسود بين نباتات البردي والقاميش وفي ظلال أشجار البطم والسنديان وحفيف الهواء بغابات جبل بلبل وهاوار، تعلم حب الطبيعة الأم وتسلل العشق إلى جوارحه دون أن يعلم أنه سيصبغ ويرسم كل حياته، لقد انصهر الفتى عدنان في بوتقة الطبيعة واندمج فيها حتى الذوبان حيث ظهر كنسمة هواء في صباح ربيعي يداعب الخدود بلطف دون أن نشعر به أو كزهرة متساقطة من شجرة البيلسان أو كطير هجر عشه لأول مرة ويغرد لحنين العودة، ومرات أخرى يظهر كنقطة ماء أو ندى ابتعد عن نبعه، فهو أفضل من عبر وصور الحب والطبيعة وظهر تأثيرهذا العشق وقسوة حياته ومعاناته الريفية واضحاً في أغانيه (از خورتكي كونديمه) ، وتغنى بجمال كوردستان وجمال المرأة الكوردية حتى جعلها في مصافِّ الآلهة إضافة إلى تصويره لروعة ملابس الفتاة الكوردية وزينتها وكبريائها (جه شيرينه) ونقد العادات والتقاليد الاجتماعية السلبية مثل الزواج المبكر والزواج بدون رغبة الفتاة بالقوة (خوزكيني هاتن)، لقد تغنى بحب الوطن وجماله والارتباط به وندد بالاستبداد وظلم الأنظمة وعذاب السجون في (جه حكمداريه - بجي ديار بكر) حيث صور معاناة المعتقلين في السجون بأسلوب تصويري رمزي (زيندانا كور - اف جه دمه) ، وتغنى بالعيد القومي للكورد نوروز في أغنية خاصة (21 يكه افداره) حيث صورت بجمال أسلوبه جبال كوردستان ونيران نوروز المتقدة وشعلة الحرية التي تنير حياة الكورد ، وعندما شب تعلم العزف والموسيقا فبدأ يسابق الطبيعة في روعة الألحان وعندما بلغ العشرين من العمر استدعي إلى الخدمة الإلزامية في الجيش حيث خدم في مدينة قامشلو فزادت في حبه حباً وعشقه عشقاً وكيف لا وهي قامشلو الحب.

تزوج عدنان موسى سنة 1979من السيدة نديمة التي تقول عن سبب اتخاذه لقب دلبرين والذي يعني (القلب المجروح) إن عدنان كان قد قرر ترك القرية وعدم العودة إليها بسبب بعض المشاكل العائلية وأثناء أدائه لخدمة العلم في مدينة "قامشلو" جاءته أخبار من أهله تفيد بأنّ والدته قد توفيت وظنّ "عدنان" أنّ أقرباءه فعلوا ذلك قصداً كي يرجع إلى قريته لأنّه عندما ذهب إلى الجيش قال لأمه بأنّه لن يعود أبداً، ولكن في لحظة ما - قال لنفسه لماذا لا أسافر إلى القرية فقد يكون الخبر صحيحاً وعندما رجع إلى البيت فوجئ بوفاة والدته، فذهب إلى قبرها وبكى طويلاً ومنذ تلك اللحظة سمى نفسه "دلبرين" (صاحب القلب المجروح)، وكانت وفاة والدته دون رؤيته لها الأثر الكبير على حياته وأصبح الحزن جزءاً منه لا يفارقه بل لا يمكننا الحديث عن عدنان دلبرين دون الحديث عن الحزن والألم، وبقي في القرية حتى عام 1980 حيث قرر السفر إلى مدينة حلب بحثاً عن فرصة أفضل ولعدم وجود ما يعيله وأسرته في القرية، وفي حلب تعرف بفنانين كبار ودخل الوسط الفني من أمثال الفنان عامر أبو النور وعلي تجو وغيرهم وتفرغ بعدها للغناء والتلحين والكتابة وكان بإحياء يحيي الحفلات والأعراس وبدأت شهرته تنتشر بسرعة لصوته العذب والحزين ولروحه المتواضعة والمرحة ومساعدته للفقراء وإحيائه للكثير من الحفلات المجانية فدخل قلوب الناس بسرعة .

لقد حول بيته إلى مكان للبروفات والتدريب حيث يلتقي الشعراء والملحنون) والمطربون عنده ويتم التجهيز للحفلات الموسيقية والتحضيرات لتسجيل الألبومات حيث سجل (8) ألبومات من غنائه وأ لحانه عدا المئات من الحفلات والأعراس.

لقد حقق عدنان دلبرين نجاحاً باهراً وعبرت أغانيه عن الإحساس العالي والحب العذري وهو أفضل من صور عذاب الفراق ولهفة العشاق وأكثر ما يميز صوته وأغانيه النبرة الحزينة والشجية التي تعبر عن مكنوناته الصادقة وخوالجه وإحساسه الرقيق ، لقد غنى عدنان دلبرين التراث الملحمي الكوردي ومن أبرز أغانيه ( زينبه - عيشه ايبه - سلاف ل وا – عفرين هاتو ، لي سوداه- إذ فامي – هربجي ديار بكر – اخ واخين".هف هفا - ليه قدريه- افين دل - دارم دارم - سودا سودا - زمزمه - اينان ناكم - لوري لوري - از چبيرناكم- از دمشمه- خانه منه - عيشانه علي - سولافه ناده - فلكه- اخينه دل- من چاركه چترا كوت - اف چه ده ما- چه حكمداريه - ياره من - أز كوفا هرم- از چتاناكرم- 21 يكه افداره - خوشه تيا كوهمن - كولى دل من - از باما - كاني سوزا تا- ميرم خانه - ناي ناي - چه شيرينا- هيستيرا چافي من - خوزكيني هاتن - كلك روچ دربسبون- كولى شين - كيف ئو سيران - بى خمله- چافن تا- ليه ورده ورده - من دي - كول فروش- از خورتكي كونديما - سولاف نادا - ممو شيرينو پسمامو ...) وتغنى بجمال الطبيعة العفرينية الخلابة وشلالاتها وينابيعها وجبالها .

وقد ذاعت شهرته ودعي سنة 1999م إلى ألمانيا لإحياء عدد من الحفلات .

انتقل الفنان عدنان دلبرين من الدنيا الفانية إلى الدنيا الباقية وهو في بدايات مشواره وأوج عطائه وعن عمر (43) عاماً ففي 4/11/1999 تعرض لحادث سير مؤسف أودى بحياته أثناء عودته من إحدى حفلاته في مصايف كفرجنة ودفن في مسقط رأسه قرية ديرصوان حيث شاركت جماهير حاشدة من محبيه إلى مثواه الأخير.

لقد ترك الفنان عدنان دلبرين العشرات من الأغاني والألحان واستطاع أن يؤسس مدرسة خاصة به لا تشبه سوى نفسها وأعتقد أنها لن تتكرر بنفس الأسلوب رغم وجود العشرات من الفنانين الذين يقلدون أسلوبه ولكن لم يستطع أحد حتى الآن الوصول إلى إحساسه المرهف الذي تركه الفنان الراحل عدنان موسى (دلبرين).

 

قاضي

 

 

 

Rojava News 

Mobile  Application