شهناز شیخي : القارئ الجيد انسان ذكي وهو من يحكم على القصيدة

شهناز شیخي : القارئ الجيد انسان ذكي وهو من يحكم على القصيدة

 

Rojava News: قالت الشاعرة شهناز شيخي، إن روح الشاعر تشبه بتلات الورد الرقيقة تتأثر بكل ما حولها وتترجمه بصدق، فأنا كتبت عن مجزرة حدّاد وشموع نوروز و»المحمدون» الثلاثة، وكتبت عن انتفاضة الكورد وثورتهم. وأكدت أن الكورد عاطفيون، لكنهم شعبٌ تميّز بإرادة قوية، فالعاطفة وحدها لا تخلق قصيدة، إنما القصيدة تستلزم تلك الطاقة الجبّارة التي تبلور المشاعر على شكل ايقونة. حول شؤون وشجون الكتابة وقلقها، كان لصحيفة «كوردستان» هذا الحوار مع شيخي:

*كيف تعرف لنا شهناز شيخي هويتها الشخصية؟

-إنسانة تعتز باسمها الكوردي، محامية في قامشلو، تحب العمل، الشيء الوحيد الذي يجعلها تمرض هو الجلوس ساعات من دون عمل، جذورها قرية غزاليك عامودا. تنشط في المركز الكوردي للدراسات والاستشارات القانونية (ياسا)، المؤسس في مدينة بون الألمانية 2005 وإدارية في اتحاد الكتاب الكورد- سوريا.

*ما شكل علاقتك بالأدب، وأنت محامية؟ وماذا تكتبين؟

-كنت طفلة جريئة متميزة حين بدأت خطواتي الأولى في الكتابة قبل أن يخطر ببال سنواتي التسع، أنني سأصبح محامية. طفلة متأججة بالروح الخلاقة تعزف وتغني، طفلة كتبتْ مسرحية وقصة للأطفال بسنواتها التسع قبل أن تكتب قصيدتها الأولى. طفلة تشتعل على خشبة المسرح، طفلة رائدة في كل ذلك، طفلة حين أتأملها أشعر بالدهشة والفرح! والآن أكمل تلك الكتابات مع دراسات وأبحاث قانونية ونفسية واجتماعية في مجال حقوق الإنسان.

*أيهما تفضلين الشعر الوطني (القومي) أم الوجداني وهل هناك رابط بينهما؟

-إذا كنت حقاً شاعراً ستكتب كل ذلك، فروح الشاعر تشبه بتلات الورد الرقيقة، تتأثر بكل ما حولها وتترجمه بصدق، فأنا كتبت عن مجزرة حدّاد وشموع نوروز والمحمدون الثلاثة، كتبت عن انتفاضة الكورد وثورتهم، بمعنى وثقت ما عاناه الكورد أدبيا وما عاناه الشعب السوري على مدار أعوام من الدماء.

*هل لكل من هذين النوعين من الشعر زمنه، أم أنهما ضروريان لكل مرحلة؟

-الشاعر لا سقف لفضائه لكنه مخلوق رقيق لا يمكن في زمن الدماء وهو يعيش كل هذا الدمار والشهداء، أن يقف سلبياً أمام طفل يتيم دون قبّرةٍ أو قصيدة وهو عاشق رقيق يكتب عشقه قصيدة لاتنام. فالشعر أن تشعر بحرارة العالم.

*لم تتبلور فكرة التخصص في كتابة الأجناس الأدبية بين مجمل كتابنا الكورد، كيف يمكن التخلص من هذه الظاهرة وهل لها ايجابيات ما؟

-هناك من لديه موهبة ما في نوع ما من الأدب فيكون إما شاعراً أو قاصّاً أو روائياً، وهناك من يبدع في عدّة أنواع من الأدب، فيكون أديباً. برأيي أن يترجم الكاتب إبداعه كما هو لأنه سيكون أجمل بثوبه الأول، وأعتقد أن التخصص هو الذي يفرض نفسه وليس بحاجة لبلورة، فآراغون كتب مجنون ايلزا رواية بروح قصيدة. وأحلام مستغانمي كتبت ذاكرة الجسد بلغة شعرية رائدة، فأروع القصص والروايات هي تلك التي يكتبها شاعر. وأنا حين اكتب قصة ما أراها تمتزج رغما عني بالشعر. والقارئ الجيد يشيد بتلك الكتابة، أما التقليدي فيحبذ الفصل بين تلك الأجناس.. من وجهة نظري ان الإبداع نابع من المشاعر وليس آلة ميكانيكية جامدة.

*الثقافة على وجه العموم هل هي من لوازم ممارسة الأدب، وماذا تقولين في أناس أميين ويكتبون شعرا جميلا؟

-في هذا العالم المزدحم بكتّاب الشعر قلّما نجد مبدعاً حقيقياً، فالثقافة لا تصنع مبدعاً لكنّ الموهبة تحتاج الصقل، وهذا يتطلب الكثير من التّعب والقراءة. أما الذي يكتب شعراً جميلاً فلا يمكن من وجهة نظري أن يكون أميّاً.

*كان الكورد دائما تستحوذ على دواخلهم العواطف، هل لهذا الأمر علاقة ما ببروز كم كبير

من الشعراء بينهم؟

-الكورد عاطفيون نعم ولكنهم أيضا شعبٌ تميّز بإرادة قوية، فالعاطفة وحدها لا تخلق قصيدة إنما القصيدة تستلزم تلك الطاقة الجبّارة التي تبلور المشاعر على شكل أيقونة رائعة هي القصيدة.

*مما تغارين، من شاعر يكتب قصيدة جميلة أم من شاعرة تنسج نصا يستحوذ على استحسان الآخرين؟

-أنا لا أغار بل أفرح حين أقرأ قصيدة صادقة بصرف النظر عمن كتبها فالشاعر/الشاعرة سيحفظه التاريخ في كبده يوماً وسيبقى شجرة دائمة الخضرة أما كاتب/كاتبة الشعر والمتطفلون على الكتابة، فقد يصفق لهم المحابون لكنهم في النهاية آيلون للسقوط في المهملات، فالشعر في تصفية ذاتية دائمة للمتطفلين.

*حينما تبدئين كتابة نص ما هل تستطيع الأفكار أن تجر مشاعرك إلى النهايات التي تريدها هي، أم لك سلطة على الأفكار؟

-الإبداع مزيج من الأفكار والمشاعر لا يمكن فصلهما، يأخذان المبدع إلى نهاية ما جميلة خلاقة.. الأفكار تتماهى مع المشاعر يصلان معاً لشاطئ النهاية وهو سر الكاتب الحقيقي.

*هل تفشلين أحيانا في استكمال قصيدة بدأتها بحماسة زائدة؟

-حين أحمي قصيدتي من الزيف، فهي لن تفشل أبداً بمعنى آخر طالما لم أضع لها نهاية مصطنعة فهي لن تكون فاشلة فلأتركها إذن كزهرة برية محتفظة بالندى الأول، ومرة أخرى أقول القارئ الجيد إنسان ذكي وهو من يحكم على القصيدة.

*أنت كامرأة كيف تستشعرين بالمرأة أدبيا هل هي من مستلزمات جمالية الأدب أم هي هدفٌ له؟

-ما أكتبه منذ بدأت أناملي تدرك معنى الكتابة كان منطلقه امرأة ومنتهاه امرأة دون أن أتعمد ذلك أو يكون لي يدٌ فيه.. مسرحيتي الأولى في عمري الطفل كان عنوانها (الفتاة التائهة) كانت أنا.. (عازفة البيانو) هي أنا.. (سريي كانييه) كنت أنا من يتأجج بلونها الأحمر.. (سيدتي كوباني سلاماً) قادتني فيها «بطولات نساء من أنفاس الملائكة يصعدن على سلالم من أثير».

*المرأة توازي الربيع ولكن في كتاباتها ترد مرادفات الخريف والحزن بكثرة، ما السبب في ذلك برأيك؟

-مصطلح الربيع والشتاء يتكرر كثيراً عندي فأنا اعشق السير تحت المطر ربما اعشق كل شيء ينزل من عند الله لأني أجده قويّاً ونقياً، أما من يكتبن عن الخريف والحزن فغوتيه يقول «الشاعر عموماً معدنه الألم».

*يستغل الرجل كلمة المرأة لإيصال صوره الشعرية، لماذا لا تلجأ المرأة إلى نفس الأسلوب باستخدام كلمة الرجل لإيصال مشاعرها؟

-أعتقد أن المرأة بدأت تمارس جرأتها في الكتابة أيضاً وتترجم مشاعرها كحالة تخصها أو تخص غيرها بثقة وجرأة، فقد كانت جدتي تقول لي أنهم في زمانهم حين كان يقال عن ابنة فلان شاعرة، فذلك كان مرادفاً لمصطلح الحكمة والعقل عندهم، ربما كان ذلك يمنعها عن ترجمة مشاعرها بشفافية، أما الآن فالمشاعر تترجم بصدق وجمالية يحبها حتى الجيل القديم طالما أنها ليست مبتذلة او سلعة يتاجَر بها وليس بالضرورة أن تكون هناك ألفاظ مباشرة.

*إذا سألتك عن الحالة الثقافية الكوردية العامة في (rojava)، هل أنت راضية عنها؟

-الحالة الثقافية في المجتمع الشرقي عموماً يرثى لها فحين تحمل كتاباً فألف قصة ألم عن الموت والجوع ستسرقك من الكتاب، ستشرد حتماً في تامين ربطة الخبز لأولادك وتأمين المازوت وكيف تحمي ابنك القاصر من التجنيد وابنتك وزوجتك من الدواعش. يلزمنا الكثير رغم إننا ككورد ولدنا ولنا قضية نناضل من اجلها فكانت الكتب والورقيات الحزبية بشكل أو بآخر رافدا من روافد ثقافة الإنسان الكوردي.

*كيف يمكن توحيد أطر الحركة الثقافية الكوردية عندنا؟

-في كل أحوالنا نحن بحاجة على الأقل لكيانات محدودة من تلك الأطر والكاتب كاتب دون تلك الأطر لكنه ربما يقدم شيئاً لمجتمعه من خلالها.

 

 صحيفة كوردستان -  حاورها : فرحان كلش

Rojava News 

Mobile  Application