كوردستان و قصة إدارتين منفصلتين

كوردستان و قصة إدارتين منفصلتين

10:55:44 AM

الأمازيغي يوسف بو يحيى

RojavaNews: للعلم فقط قبل كل شيء أن هذه الأسطر التي أود أن أكتبها حاليا ماهي إلا امتداد و تكملة للحقائق التي ذكرتها في المقالين السابقين ،الأول كان بعد سقوط "كركوك" بشهر علما أعتقد بعنوان "لنضع النقاط على الحروف" ،والثاني كان قبل أيام بعنوان "البارزاني قصة طويلة مع الاستفتاءات" ،كل هذه القراءات و البحوث تكشف حقيقة معدن الإنسان المخلص و الخائن.

دون إطالة أود ان أكشف سبب تداول فكرة "الإدارة الذاتية" في كوردستان باشور؟؟،ومن القيادي الأول الذي دعا لها؟؟،وما السبب الذي أدى بالمطالبة بها؟؟،وأي الأهداف المرسومة جراء المطالبة بها؟؟وغيرها...

لتعود بالذاكرة إلى الوراء باختصار شديد ،بالضبط منذ تأسيس حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني سنة 1975 بقيادة "جلال طالباني" ،من خلاله رسم الحزب عدة أهداف و مشاريع نضالية حسب خطابه الحزبي ،ظنا من جميع داعميه أن المسألة سهلة مادام أن هناك دعم مادي و معنوي متدفق من نظام إيران و سوريا بشكل دائم ،توالت سنين النضال العسكري ضد نظام البعث من كل الجبهات الكوردية بشكل متقطع إلى سنة 1992 ،في هذه السنة بالذات انقلبت كل الموازين و المعادلات السياسية نتيجة إجراء أول تجربة انتخابية اكتسحها حزب الديموقراطي الكوردستاني بزعامة "مسعود بارزاني" ،وتغلغل إنصار "البارتي" في منطقة 'السليمانية" ما قلص دور "اليكيتي" سياسيا.

على إثر ذلك أحس "اليكيتي" و داعموه أن الديموقراطية لا تنفع للحفاظ على الهيمنة السياسية في ظل قوة "البارتي" جماهيريا ،لهذا كانت الخطوة البديلة هي اقتسام المحافظات بطريقة (50%_50%) أي ما سماها "الطالباني" بالفيفتي فيفتي ،وذلك لإبعاد إيديولوجية "البارتي" عن السليمانية المطلة على كوردستان "روجهلات" إيران ،وثانيا الحفاظ على تواجده السياسي بدون منافس في محافظة ،ضمنيا مع اللجوء إلى القمع و الترهيب و محاربة الأصوات المعارضة.

كانت منطقة "كركوك" (النفطية) الهدف الرئيسي عند "جلال طالباني" ،والذي طالب في أكثر من مناسبة بضمها لإدارته بعد سقوط صدام ،معتبرا إياها محافظة من حصة حزبه ،إلا انه فشل فشلا ذريعا سواء إبان نظام "صدام حسين" و بعده ،والسبب أن سياسة "البارزاني" و معرفته بما يحاك في مطابخ إيران و سوريا و "الطالباني" حال دون حدوث ذلك ،والسبب اقتحام "البارزاني" "كركوك" في لمح البصر بعد الهجوم الأمريكي على نظام البعث ،لهذا لم يترك أي حل أمام "جلال طالباني" سوى التفاوض لا فرض أمر الواقع الحزبي.

لم تكن خطة "جلال طالباني" وليدة اللحظة و لا المرحلة الأخيرة لنظام البعث ،بل حاول مطولا و آخرها في أواسط الثمانينيات عندما توجه إلى بغداد وحيدا طارحا للرئيس "صدام حسين" اقتراح التنازل على كوردستانية "كركوك" مقابل نسبة مالية من حصة النفط ،أنداك كان رد "صدام حسين" واضحا بقوله: العقبة هي مسعود و ليس انت يا جلال.

كان "جلال طالباني" يرى من خلال المطالبة بالإدارة الذاتية المستقلة باب سيؤدي إلى العديد من الأهداف التي رسمتها إيران ،أولها محاصرة المشروع القومي لحزب البارتي جغرافيا و سياسيا ،ثانيها إضعاف كوردستان سياسيا و اجتماعيا ،ثالثها محاولة اقتطاع السليمانية كولاية إيرانية ،رابعها قطع الوريد الاقتصادي على حزب البارتي بالسيطرة على المناطق الكوردستانية الغنية (المتنازع عنها) ،فلو لاحظنا جيدا الواقع الملموس سنرى أن جميع هذه المخططات تمت بشكل فعلي على الأرض ،آخرها احتلال "كركوك" على يد الحشد الشعبي بمساعدة خونة الإتحاد الوطني الكوردستاني.

إن حقيقة المخطط الذي كان يعمل عليه "جلال طالباني" مع إيران بخصوص مسألة "كركوك" كانت هي النتيجة التي نراها الآن ،بمعنى تمهيد الطريق أمام القوى الإيرانية لاحتلالها و قطع الخزان الطاقة على كوردستان ،وإفشال مشروع النهضة و التنمية و الاستقلال و الاكتفاء الذاتي ،من طبيعة الحال مع احترام نسبة "الطالباني" في كعكة "كركوك".

وفقط للإشارة و التوضيح أكثر تفاديا لهذا التساؤل المعاكس من القراء بخصوص كيف تم إفتاق "اليكيتي" و "البارتي" على الفيدرالية!!؟؟ ،أقول أن مسألة الفيدرالية لم تكن أبدا من مطلب "اليكيتي" بعد سقوط نظام البعث ،بينما "البارتي" رحب بها بشدة كإطار ديموقراطي سيجمع جميع الأحزاب الكوردية في العملية السياسية من أجل طي صفحة التفرقة و الصراعات ،فأمريكا هي من جمعت بينهما واضعة مشروع الفيدرالية كبديل وحيد و أوحد ،فما كان على "جلال طالباني" سوى قبوله مرغما لكن بنفس السلوك و المعاملة و العقلية (فيفتي فيفتي) ،دون نسيان رفضه (جلال طالباني) القاطع لمطلب "مسعود البارزاني" بوساطة أمريكية في توحيد البيشمركة تحت مؤسسة مستقلة بعيدة عن الأحزاب.

خلاصة القول هي أن ما يحدث الآن على أرض كوردستان بمثابة حقيقة مشروع "جلال الطالباني" ،لهذا فلا عجب إن طالبت زمرته مستقبلا بالانفصال عن حكومة الإقليم بإدارة مستقلة ،بعدها غير مستبعد أن تسلم حكومة بغداد و إيران المناطق المحتلة المتنازع عليها للاتحاد الوطني الكوردستاني (أل طالباني) ذلك لتحويل الصراع من عراقي كوردي إلى صراع كوردي كوردي ،وهذا للعب على الوتر الدولي و شل قافلة الاستقلال.

Rojava News 

Mobile  Application